لأول مرة منذ انطلاق كأس مصر، المسابقة الأقدم والأعرق فى مصر، عام ١٩٢٢، يلتقى الفريقان الكبيران «الأهلى والزمالك» فى دور الستة عشر.. ولم يسبق للفريقين أن التقيا من قبل فى أدوار متقدمة سوى مرتين فى دور الثمانية موسمى (١٩٨٤/١٩٨٥ و١٩٨٨/١٩٨٩)، لهذا يعتبر هذا اللقاء تاريخياً، ويسعى الزمالك بكل قوته لتحقيق الفوز والاقتراب من لقب الكأس هذا الموسم حتى لا يخرج خالى الوفاض، لاسيما بعد التحسن الواضح الذى طرأ عليه منذ منتصف الموسم الحالى، بينما لن يترك الأهلى الفرصة تمر دون أن يواصل تفوقه على غريمه فى المواجهات المباشرة بينهما فى بطولة الكأس والتى عادة ما تكون مؤشراً إيجابياً ليصل حتى خط النهاية ويحقق رقما قياسيا جديدا إذا ما تمكن من الجمع بين اللقبين.
لن تكون تلك المباراة بالهينة قط، فالفريقان على أهبة الاستعداد لتلك المواجهة التى كانت متوقعة لدرجة الحتمية وخاصة مع سهولة المواجهات الأولى للفريقين نسبيا فى الدور الماضى، وستكون المواجهة الثالثة بين الفريقين هذا الموسم، وتحديداً أكثر بين المدربين المصريين «الحسامين».. «البدرى وحسن» حاسمة، لأنها لن تقبل أبدا القسمة على كليهما مثلما حدث فى المواجهتين بينهما فى بطولة الدورى الممتاز ( ٠/٠ و٣/٣ ).. والأخيرة كانت مباراة ملحمية رائعة تؤكد أن الجميع فى انتظار لقاء نارى كروياً قد يحمل بعض نفحات إبداع نهائى موسم ٢٠٠٦/٢٠٠٧، والذى شهد واحدة من أروع مباريات الفريقين فى العقد الأخير، والذى حمل نتيجة تاريخية بينهما (٤/٣) وسبعة أهداف كاملة لا تنسى.
مواجهات الفريقين فى «كأس مصر» بدأت مبكرا، عندما اصطدم العملاقان فى نهائى الكأس موسم ١٩٢٧/١٩٢٨ أى ما يقرب من ٢٠ عاما قبل بداية بطولة الدورى الممتاز، وفاز وقتها الأهلى على الزمالك بهدف وحيد أحرزه «محمود مختار»، بالرغم من أن الزمالك هو صاحب أول لقب للكأس المصرية عندما انطلقت عام ١٩٢٢، وتغلب يومها على «شرويدرز الإنجليزى» ٢/١، حيث كانت الفرق الإنجليزية يسمح لها بالمشاركة فى تلك البطولة وشاركت مرتين فقط.. إلا أن الأهلى كان قد سبق له الفوز بالبطولة ٣ مرات (أعوام ١٩٢٤ و١٩٢٥ و١٩٢٧) قبل تلك المواجهة الأولى بينهما.
وللأهلى الغلبة فى المواجهات بينهما عبر التاريخ، حيث حقق الفوز ١٢ مرة مقابل ٧ للزمالك وأحرز فى مرماه ٣٩ هدفاً، بينما سكن مرماه ٣٣ هدفا بأقدام ورؤوس زملكاوية.. وإن كان الأهلى يتفوق إجمالا فى عدد مرات الظهور فى المباريات النهائية لكأس مصر ونجح فى قنص اللقب ٣٥ مرة من أصل ٤٥ مباراة نهائية وصل إليها، بينما حقق الزمالك ٢١ لقبا من إجمالى ٣٤ مرة كان فيها طرفا بنهائى البطولة..
ومن المعروف أنه لا توجد مباريات تعادل فى بطولات الكؤوس، ولكن تكرر هذا مرتين بينهما والطريف أنهما كانتا فى بطولة وموسم واحد.. حيث لعب الفريقان المباراة النهائية لموسم ١٩٥٧/١٩٥٨ وتعادلا فى المباراة سلبيا، وأعيدت المباراة نظرا لعدم وجود وقت إضافى أو ركلات ترجيح فى البطولة وقتها، وانتهت الأخرى بالتعادل (٢/٢).. فما كان من اتحاد الكرة وقتها إلا أن اعتمد نتيجتى التعادل واقتسم الفريقان اللقب للمرة الثانية فى تاريخ البطولة، حيث كانت الأولى فى موسم ١٩٤٢/١٩٤٣ عندما لم تلعب المباراة النهائية بينهما واقتسما اللقب أيضا.
هذا هو اللقاء الأول فى التاريخ بين الفريقين فى دور الـ ١٦ لبطولة كأس مصر، وسبق لهما أن لعبا سويا ١٦ مباراة نهائية (بالإضافة إلى المباراة المعادة عام ١٩٥٨، وكان الأهلى هو صاحب السبق فيها دوما حيث هزم الزمالك وقنص منه اللقب تسع مرات فى حين انتزع الزمالك الكأس خمس مرات من غريمه.. بدأت المباريات النهائية بينهما مع أول مواجهة فى الكأس بينهما كما ذكرنا، وكانت الأخيرة فى النهائى الشهير موسم ٢٠٠٦/٢٠٠٧.. وفى المرتين فاز الأهلى).
وتقابل الفريقان فى ثلاث مباريات فى الدور قبل النهائى، الطريف أن الزمالك فاز باثنتين منهما (٣/٠ و٢/١) على الترتيب ولكنه خسر اللقب فى النهائى لمصلحة «الأوليمبى ١٩٣٣/١٩٣٤» ثم «الاتحاد ١٩٤٧/١٩٤٨»، بينما حقق الأهلى فوزا واحدا فقط (٢/٠) كان كفيلا بدفعه للفوز بالكأس على حساب «أسوان» بهدف واحد.. وكانت الأهداف الثلاثة للنجم «محمد رمضان».
لعب الفريقان أيضا مبارتين فى دور الثمانية، فاز بهما الأهلى فى طريقه لحصد اللقبين أيضا، موسم ١٩٨٤/١٩٨٥ وفاز الأهلى (٣/٠) ثم موسم ١٩٨٨/١٩٨٩ وحقق الأهلى الفوز بهدفين مقابل هدف واحد.. وتاريخ الفريقين فى المباريات غير النهائية يشير إلى نجاح الأهلى فى كل المرات التى هزم فيها الزمالك فى أن يحصد الكأس، بينما لم يتمكن الزمالك أبدا من تحقيق اللقب عقب هزيمته للأهلى مبكرا، وكأنها لعنة الأهلى تطارده فى كل تلك المرات.. فهل يتخلص منها الزمالك هذه المرة ويهزم الأهلى ويواصل الطريق بنجاح نحو اللقب للمرة الأولى فى التاريخ، أم يستمر الأهلى فى كتابة التاريخ على نفس النسق ويهزم الزمالك ثم يحقق اللقب فى النهاية؟
أما عن أكبر نتائج الفريقين سويا، فكانت لصالح الزمالك فى موسم ١٩٤٣/١٩٤٤ فى المباراة النهائية، عندما سحق الزمالك منافسه بستة أهداف نظيفة (أحرزها زقلط – هاتريك، عبدالكريم صقر – هدفين وهدف للسحيمى)، بينما حقق الأهلى نتيجة الفوز برباعية عدة مرات كان أبرزها النهائى الأخير بينهما قبل ثلاثة أعوام من الآن وأكبرها (٤/١) تكررت مرتين فى نهائى موسم ١٩٣٠/١٩٣١ بأهداف ( لبيب – هدفين ومصطفى كامل والتيتش ) قبل أن تكررها عائلة «سليم» فى نهائى موسم ١٩٥٢/١٩٥٣ حيث أحرز «صالح سليم» هدفين، وهدف لعبد الوهاب سليم ثم أحمد مكاوى هدفا.
فى مباراة هذا الموسم، سيحاول الأهلى مجددا أن يزيد من غلة أرقامه القياسية إذا ما مر من الزمالك فى هذا الدور وصعد إلى منصة التتويج فى النهاية، ووقتها سيحقق الفوز بالبطولتين للمرة الرابعة عشرة فى تاريخه.. بينما سيكون الزمالك على موعد مع التاريخ مجددا فى أن يفوز بلقبه «بطولة الكأس»، مقتسما الموسم مع الأهلى بطل الدورى للمرة العاشرة فى تاريخه لو أكمل الطريق حتى النهاية.
عصام بهيج هو هداف الفريقين فى لقاءات الكأس، حيث سجل ٤ أهداف، أولها هدف فى نهائى موسم ١٩٥١/١٩٥٢ وفاز الزمالك (٢/٠) وآخرها هدف فى مباراة النهائى موسم ١٩٥٨/١٩٥٩ وفاز الزمالك أيضا (٢/١)، وكان قد أحرز هدفين فى إعادة نهائى موسم ١٩٥٧/١٩٥٨ والذى انتهى بالتعادل (٢/٢) واقتسم الفريقان اللقب.. أى أن كل أهداف بهيج الأربعة ساهمت فى فوز الزمالك بالبطولة.
نفس الأمر تكرر مع نجم الجيل الحالى (عماد متعب – هداف كل القمم فى مختلف البطولات بعشرة أهداف) فى بطولة الكأس، حيث منح الأهلى الكأس بأهدافه الثلاثة (هدفين فى نهائى موسم ٢٠٠٥/٢٠٠٦ والذى انتهى بفوز الأهلى بثلاثية نظيفة) و(هدفه الأول فى نهائى ٢٠٠٦/٢٠٠٧، والذى انتهى برباعية للأهلى مقابل هدفين للزمالك). تمكن الزمالك من الفوز بكأس مصر فى أربعة مواسم متتالية (منذ موسم ١٩٥٦/١٩٥٧ وحتى موسم ١٩٥٩/١٩٦٠) وتخللها فوز مشترك باللقب بينه وبين الأهلى ١٩٥٧/١٩٥٨)..
بينما نجح الأهلى فى الفوز بالكأس ثلاثة مواسم متتالية وكرر هذا الأمر مرتين متباعدتين (منذ موسم ١٩٤٤/١٩٤٥ حتى موسم ١٩٤٦/١٩٤٧) و(منذ موسم ١٩٤٨/١٩٤٩ حتى موسم ١٩٥٠/١٩٥١). فاز الأهلى بالكأس موسم ١٩٦٥/١٩٦٦ ثم انتظر ما يقرب من ١٢ عاما حتى فوزه مرة أخرى بها موسم ١٩٧٧/١٩٧٨ وإن كانت قد توقفت المسابقة خلالها ٥ مواسم نظرا لظروف الحرب، أى أن الأهلى غاب رسميا ٧ مواسم عن التتويج بلقب كأس مصر وهى الفترة الأطول فى تاريخه.. بينما ابتعد الزمالك ١١ عاما كاملة عن الفوز بكأس مصر منذ قنصه للقب موسم ١٩٨٧/١٩٨٨ حتى فاز مجددا به موسم ١٩٩٨/١٩٩٩، وإن كانت المسابقة لم تقم فى موسم ١٩٩٣/١٩٩٤.. أى أن الفترة الأطول فى تاريخ الزمالك بلا لقب للكأس بلغت ١٠ مواسم كاملة.