عدة تطارد الكرة المصرية، بين إخفاقات دولية كثيرة وابتعاد- شبه دائم- عن نهائيات البطولة الأكبر والأغلى والأشهر فى تاريخ اللعبة كلها على مدار نصف قرن ويزيد.
وفى كل مرة كان الكل ينتظر مشاهدة فريق منتخب بلاده داخل أجواء البطولة العالمية، ويظل فى انتظار تحقيق الحلم الكبير، مرة يقترب وبشدة ولكنه يخرج بلا أى سبب واضح، وأخرى يبتعد عنها منذ البداية.. أحياناً لا يشارك من الأساس نظراً لظروف سياسية أو عسكرية مرت بها البلاد كثيراً، وأحياناً يشارك على استحياء.
والكل ينتظر، يحلم ويتمنى.. يمنى نفسه بقرب تحقيق الحلم، ويستيقظ فجأة على آلام الحقيقة وعدم تأهله إلى النهائيات.. يفوز على فرق كبيرة، ويخسر من فرق أقل ما يقال عنها إنها مغمورة، يلعب كالأسد على ملعبه ووسط جمهوره الرهيب ثم يتحول فجأة إلى حمل وديع خارج البلاد ليخسر ويتعادل مع فرق أقل منه فى المستوى.
وطوال تاريخنا السابق مع تصفيات هذه البطولة، صعدنا وهبطنا.. كانت فترات الفشل أكثر من النجاح، حلمنا كثيراً ووصلنا مرتين فقط، تبدلت أسماء، تغيرت مناصب.. والنتيجة دوماً هى الابتعاد عن الكرنفال العالمى الكبير.
ولكن هذه المرة لن يقبل منتخب الأبطال أبداً بالفشل.. لن يستسلم لوضع خاطئ استمر أعواماً طويلة، وحان الوقت للوصول بإذن الله إلى حلم المصريين الكروى الأول والأوحد الآن.. والنتائج الحالية التى تحققت، وتحديداً عدد مرات الفوز الذى حصده المنتخب خارج ملعبه يؤكد أن هناك تغيرًا فى العقلية والتفكير المصرى، الذى ظل منذ قديم الأزل يطارد المصريين ويخرجنا كل مرة قبل النهاية بفترة طويلة.. ولكن نشعر بأن المنتخب قريب جداً هذه المرة وقادر بمشيئة الله أن يثلج صدور ٨٠ مليونًا يتمنون رؤيته فى جنوب أفريقيا، ولن يخذل رجال مصر ٨٠ ألف مشجع سيزأرون حتى آخر لحظة فى عمر المباراة الحاسمة.. أبداً لن يخذلوهم!
المسؤولية الآن على أسماء محددة.. يعرفها الجميع، المسؤول الأول عن الحلم المصرى هو «حسن شحاتة» ومعه «شوقى غريب» و«حمادة صدقى» و«أحمد سليمان» وكل الجهاز الفنى والإدارى للمنتخب.
اتحاد كرة القدم المصرى مسؤول عن تهيئة الأجواء الصالحة.. لنرى منتخب الوطن بإذن الله فى نهائيات ٢٠١٠ بالقارة السمراء.
محمد أبوتريكة، أفضل لاعب أفريقى، عصام الحضرى، أفضل حارس مرمى فى أفريقيا، أحمد حسن، أكبر لاعب فى المنتخب وأكثرهم خبرة وبطولات، عمرو زكى، البلدوزر الباحث عن العودة الحقيقية، محمد زيدان واحد من أبرز لاعبى الجيل الحالى والدورى الألمانى، حسنى عبدربه أفضل لاعب فى بطولة أفريقيا الأخيرة، محمد بركات أفضل لاعب بالدورى المصرى بلا منازع، ومعهم عماد متعب الهداف العائد بعد اشتياق، ولعل شوقه هذا يترجم إلى أهداف حاسمة فى حالة مشاركته، والتاريخ يخبرنا أن هناك من اللاعبين من ابتعد عن الملاعب طويلاً وصادفه سوء حظ بالغ، ويعود مع النهاية ليظهر كالبطل المنقذ محرزاً الأهداف الحاسمة «محمد شوقى، أحمد المحمدى، هانى سعيد، سيد معوض، عبدالواحد السيد، أحمد عيد عبدالملك».. وأسماء كبيرة وعديدة، هم الأبرز الآن على الساحة الكروية.
ولكن ليس بالأداء وحده والأسماء والمستويات تصل الفرق إلى النهائيات، بل يجب أن يكون الالتزام والتحلى بالخلق وروح التعاون الحق هو الأساس الذى يبنى عليه الأمل فى تخطى تلك المرحلة من أجل الوصول إلى القمة.. وما أكثر الملتزمين فى هذا الجيل، فنياً أو خلقياً يضاف إلى مواهبهم المتعددة ليمنحنا أملاً كبيراً فى تحقيق فوز كبير قريب نعود به بعد غياب إلى البطولة الأكبر فى العالم، لنؤكد أن ما قدمناه من فن رفيع المستوى أمام عمالقة العالم لم يكن وليد مصادفة أو توفيقًا بحت، بل نتاج عمل وجهد وجيل هو الأروع فى تاريخ الكرة المصرية.
وعادة ما يكون السفر عبر الزمن، نحو الماضى، إما وسيلة للتدبر والتعليم، أو من سبل البحث عن أبواب من التفاؤل وبث الثقة والروح، وقبل موعد المباراة المرتقبة لعله من الأفضل أن نتخلص من التوتر الشديد الذى أصابنا من جراء انتظارها.. وسيطرت علينا تلك المواجهة تماماً، فلماذا لا نعود بذاكرتنا وذكرياتنا إلى بعيد، لنعلم جميعاً كم انتظر كثيرون الحلم، وندرك حقيقة المباراة الكبرى التى ستدخل التاريخ هى الأخرى، ونتمناها فى الجانب المضىء بالتأكيد.
إذن دعونا نتجول عبر الزمن الماضى لنرى كل ما يتعلق بأحداث خصت مصر ومنتخبها الأول طوال محاولاته ومشاركاته فى هذه البطولة وتصفياتها.
سنتابع أفراحًا وأحزانًا، سنشاهد أهدافًا غيرت مصير الفريق نحو الوصول أو الخروج، سنتفاعل مع دموع وابتسامات.
ولن أكرر ما نقوله فى كل مرة «إن هذا الجيل إذا لم يصل إلى نهائيات كأس العالم هذه المرة فلن نصل أبداً».. فهذه الجملة كثيراً ما قرئت وكتبت طوال سنوات وسنوات بلا دليل أو خلفية واضحة.
لكن هذه المرة، هى حقيقة واضحة.. وحلم مشروع.. وعلينا أن نثق جميعاً- بإذن الله- أننا سنصل إلى النهائيات.. فهو حلمنا كلنا، حلم مصر.. حلم كأس العالم!
احتلت مصر المركز الـ٦١ فى ترتيب الفرق المشاركة فى كؤوس العالم طوال التاريخ:
وبالتأكيد فإن هذا المركز لا يلائم أبداً تاريخ مصر الكبير كروياً، حيث إنها من أوائل المؤسسين للعبة كرة القدم داخل قارة أفريقيا، بالإضافة إلى أنها صاحبة الرقم القياسى فى عدد الفوز ببطولات أمم أفريقيا (٦ بطولات)، كما أنها أول من تأهل عن بطولة أفريقيا للبطولة العالمية..
أضف إلى ذلك كمًا هائلاً من بطولات الأندية المصرية على المستوى الأفريقى، إلا أن هذا لم يشفع لمنتخب مصر طوال فترات مشاركته فى تصفيات بطولات كأس العالم المتتالية، وكان لتطبيق فكر الاحتراف الصحيح فى الكثير من الدول الأفريقية أثر كبير فى حدوث طفرات هائلة فى مستوى لاعبى هذه الدول والتى وصلت مرات عديدة إلى النهائيات ومنها من مر من الأدوار الأولى ووضع اسمه مع الكبار أحياناً.. وربما سنجد قريباً فريقاً أفريقياً على منصة التتويج مثلما نجحت «غانا» منذ أسابيع فى بطولة العالم تحت ٢٠ عاماً بمصر.. فهل نطمع أن نكون هذا الفريق؟!
أول منتخب مصرى تشكل فى عام ١٩١٦، ولعب مباراة مع قوات الاحتلال الإنجليزى فى ٥ مايو ١٩١٦ وخسر وقتها ٢/٤.. إلا أن البداية الحقيقية لكرة القدم فى مصر كانت فى عام ١٩٢٠، حيث تقابل منتخب مصر مع منتخب بلجيكا فى لقاء ودى (أغسطس ١٩٢٠) خارج مصر، وانتهى وقتها بهزيمة مصر ٢/٤.. ثم تلته مباراتان لمصر فى الألعاب الأوليمبية ١٩٢٠ أمام إيطاليا (٢٨ أغسطس ١٩٢٠) ويوغوسلافيا (٢ سبتمبر ١٩٢٠) وجاءت النتائج كالآتى:
اليوم: ٢٨ أغسطس ١٩٢٠ - مصر ١ إيطاليا ٢، وأحرز الهدف «زكى عثمان».
اليوم: ٢ سبتمبر ١٩٢٠ - مصر ٤ يوغوسلافيا ٢، وأحرز أهداف مصر سيد أباظة ٢ وحسين حجازى وعلى الحسانى.
وكان تشكيل المنتخب الأول لمصر هو:
كامل طه - محمد السيد - عبدالسلام حمدى - محمد صبرى - على الحسانى - جميل عثمان - توفيق عبدالله - حسين علوبة - حسين حجازى - سيد أباظة- زكى عثمان.. وهم الرعيل الأول فى الكرة المصرية.
ويبدو دوماً أن «إيطاليا» لها سحر خاص بالنسبة لتاريخ مصر الكروى، فكانت أولى المباريات الرسمية لنا أمام المنتخب الإيطالى.. ثم بدأت مصر رحلة طويلة جداً مع كرة القدم وكأس العالم.
(١) كأس العالم ١٩٣٠ (أوروجواى)
لم تشارك مصر فى التصفيات، ولم تشارك أى دولة أفريقية أو آسيوية أيضاً.
(٢) كأس العالم ١٩٣٤ (إيطاليا)
أول مشاركة أفريقية وعربية كانت لمصر فى هذه البطولة وخرجت من الدور الأول، وسنتحدث عنها تفصيلياً لاحقاً.
(٣) كأس العالم ١٩٣٨ (فرنسا)
انسحبت مصر من التصفيات.
ثم توقفت البطولة نفسها بسبب قيام الحرب العالمية الثانية، وبعدها استكملت البطولات كالآتى:
(٤) كأس العام ١٩٥٠ (البرازيل)، لم تشارك مصر فى التصفيات.
(٥) كأس العالم ١٩٥٤ (سويسرا)، لم تتأهل مصر إلى النهائيات بعد خسارتها أمام «إيطاليا» فى التصفيات.
(٦) كأس العالم ١٩٥٨ (السويد)، انسحبت مصر من التصفيات نظراً للأحداث السياسية وقتها!
(٧) كأس العالم ١٩٦٢ (شيلى)، استمر انسحاب مصر لنفس الأسباب.
(٨) كأس العالم ١٩٦٦ (إنجلترا)، للمرة الثالثة على التوالى، تنسحب مصر من التصفيات.
(٩) كأس العالم ١٩٧٠ (المكسيك)، لم تشارك فى التصفيات.. وشاركت المغرب ممثلة لأفريقيا فى البطولة!
(١٠) كأس العالم ١٩٧٤ (ألمانيا الغربية)، لم تتأهل مصر إلى النهائيات بعد خروجها على يد تونس، وشاركت زائير ممثلة لأفريقيا فى البطولة!
(١١) كأس العالم ١٩٧٨ (الأرجنتين)، لم تتأهل مصر إلى النهائيات بعد خروجها على يد تونس - للمرة الثانية على التوالى - وشاركت «تونس» هذه المرة فى البطولة ممثلة لأفريقيا.
(١٢) كأس العالم ١٩٨٢ (إسبانيا)، لم تتأهل مصر إلى النهائيات بعد خروحها على يد المغرب، وشاركت لأول مرة دولتان من أفريقيا فى البطولة هما (الكاميرون والجزائر).
(١٣) كأس العالم ١٩٨٦ (المكسيك)، لم تتأهل مصر إلى النهائيات بعد خروجها على يد المغرب للمرة الثانية على التوالى، وشاركت كل من المغرب والجزائر فى البطولة ممثلتين لقارة أفريقيا.
(١٤) كأس العالم ١٩٩٠ (إيطاليا)، ثانى مشاركة مصرية فى البطولة على مدار تاريخها، وخرجت أيضاً من الدور الأول.. وشاركت الكاميرون معها فى نفس البطولة وخرجت من دور الـ٨ بعد الخسارة من إنجلترا!.. وسنعرض تفاصيلها فى الحلقة الأخيرة.
(١٥) كأس العالم ١٩٩٤ (الولايات المتحدة الأمريكية)، لم تتأهل مصر إلى النهائيات بعد الخروج بسبب «الطوبة الشهيرة»، أمام فريق زيمبابوى.. وتأهلت لأول مرة ٣ فرق عن أفريقيا هى (الكاميرون، نيجيريا، المغرب).. وخرجت «نيجيريا» من دور الـ١٦ فى أول مشاركة لها على الإطلاق فى النهائيات أمام «إيطاليا»
(١٦) كأس العالم ١٩٩٨ (فرنسا)، لم تتأهل مصر إلى النهائيات بعد الخروج من تصفيات المجموعة التى تأهلت عنها «تونس» ومعها أربعة فرق أفريقية أخرى لأول مرة وهى (الكاميرون، نيجيريا، جنوب أفريقيا، المغرب).
(١٧) كأس العالم ٢٠٠٢ (كوريا واليابان)، لم تتأهل مصر إلى النهائيات بعد الخروج من تصفيات المجموعة التى تأهلت عنها «السنغال»، ومعها أربعة فرق أفريقية أخرى هم «الكاميرون، نيجيريا، جنوب أفريقيا، تونس).
(١٨) كأس العالم ٢٠٠٦ (ألمانيا)، لم تتأهل مصر إلى النهائيات بعد الخروج من تصفيات المجموعة التى تأهلت عنها «كوت ديفوار»، ومعها أربعة فرق أفريقية أخرى هى (أنجولا، توجو، غانا، تونس).
الغوص فى أعماق الماضى
استعرضنا بعض الأجواء الخاصة بتصفيات كؤوس العالم التى شاركت أو لم تشارك فيها مصر خلال الحلقات الماضية.